المصدر:
- الإمارات اليوم
- دبي – فادية هاني
يقدم «مسرح الشباب للفنون» في دبي دوراته الصيفية لتمكين الموهوبين من فنون المسرح ومجالاته المختلفة من تمثيل، ومكياج، وديكور، وتدريب صوتي، وغير ذلك، في تجربة تتكلل في نهايتها، كل عام، بعرض مسرحي مشترك يجمع المشاركين بكبار الفنانين.
ويهدف «مسرح الشباب للفنون» من مثل هذه التجربة، التي تجمع بين الأجيال، إلى الانتقال بالموهوبين إلى مستوى الإتقان والإبداع من خلال الخبرة التي يتيحها الاحتكاك مع الفنانين المحترفين، ما يسمح بتأسيس جيل مسرحي كفؤ ومدرب.
«البيان» زارت «مسرح الشباب للفنون» في دبي، وشهدت جانباً من التدريبات العملية والورش المقامة، وحاورت الفنان والمخرج الإماراتي ناجي الحاي، رئيس مجلس إدارة المسرح، الذي قال:
«نقدم ورشاً متنوعة، تعد ضرورية بالنسبة للشباب الراغبين في اقتحام مجال المسرح؛ لذلك نحرص على اختيار الورش المناسبة بعناية، كما أننا نراعي لدى اختيار تلك الورش أن تكون مناسبة للأعمال التي تتضمنها أجندتنا للمرحلة المقبلة، بما يضمن أن يكون الشباب، الذين ننوي إشراكهم فيها، متمرسين وعلى قدر كافٍ من الاستعداد للمشاركة فيها».
مهارات ضرورية
وأشار الحاي إلى أن «مسرح الشباب للفنون» يقدم العديد من الورش، التي تسجل إقبالاً ملحوظاً، وخصوصاً ورش المكياج المسرحي، والأزياء وتصميمها للمسرح، والديكور، وفنون التعامل مع الأقنعة والملابس، وكذلك مهارات تدوير وإعادة استخدام المواد المستخدمة في العروض المسرحية، لتكريس فكرة الاستدامة في العمل.
وتابع: إن مثل هذه المهارات ضرورية، وتساعد على الاقتصاد في إنتاج الأعمال المسرحية، وتمكن الفرق المسرحية من تجنب الكلف الإضافية. ومما لا شك فيه أن ذلك يساعد الشباب على التفكير الابتكاري، سواء في الجانب الإنتاجي أو الإبداعي، كما أنها تفتح أمام الشباب آفاقاً واسعة مفتوحة على أساليب جديدة في العمل وهو ما يعد ركيزة أساسية في العمل الإبداعي عموماً.
وأوضح الحاي أن الورش تتضمن أيضاً أساسيات التمثيل وأساليب خلق التناغم بين الممثلين على خشبة المسرح، والتدريبات الصوتية وضبط مخارج الحروف، والتمكن من التحكم بطبقات الصوت والتنفس بالطريقة السليمة، إلى جانب التمارين التي تتعلق بالأصوات الصحيحة أثناء الحوار خاصة، ولا سيما أن الكثير من الأعمال تعاني غياب التدريب في هذا الجانب، فيتحول الحوار إلى نوع من «الصراخ» المزعج.
وأضاف: ندرب الموهوبين الشباب أيضاً على التمارين الجسدية وكيفية تحركهم على المسرح، وأساليب استخدام أيديهم ونظرات عيونهم وآلية اكتشاف أجسامهم، وأن يتقبلوا أجسادهم، لأنه يحدث أحياناً أن يشعر بعض الشباب على المسرح بأن جزءاً من جسمه عالة عليه، فيميل تلقائياً إلى محاولة إخفائه.
ولذلك نوضح لهم من خلال التدريب كيفية استخدام حركة الجسد بشكل ملائم لكل دور. هذا بالإضافة إلى التمارين المتعلقة بمختلف الأساليب والتقنيات، مثل الارتجال وكيفية تحليل الشخصيات، بحيث يتمكن كل ممثل من فهم الشخصية التي سيؤدي دورها على خشبة المسرح، ما يجعله في النهاية يقدم أداءّ متمكناً.
وعن استمرارية الهواة المتدربين من السنوات السابقة، أكد الحاي أن بعض المشاركين جدد، ولكن البقية هم ممن خاضوا التجربة في السنوات السابقة، قائلاً:
مشكلتنا في العصر الحالي أن الشباب لا يعرفون بالتحديد ما يريدونه لذا، تجدهم يشاركون في إحدى الورش ويتفاعلون بشكل جيد، لكنهم لا يلبثون أن ينتقلوا إلى الاهتمام بشيء آخر، وهكذا دون الاستمرار والمواصلة في اتجاه معين، لذلك عمدنا إلى تنويع الورش لإعطاء الشباب فرصة لاكتشاف أنفسهم ومعرفة ما الذي يريدون بأسرع طريقة ممكنة.
التفاعل مع الجمهور
وقال الحاي: «هنا مجموعة تتهيأ لعمل مسرحي في نهاية التدريبات. وبالنسبة لنا، نحرص كثيراً على الاستدامة في العروض، وأن تكون عروضنا قادرة على الاستمرار خارج إطار المناسبات والمهرجانات العارضة.
بل إننا نرفض بشكل قاطع أن تكون عروضنا مخصصة حصراً للمهرجانات؛ ذلك أن ما يعنينا بالدرجة الأولى هو الجمهور، الذي هو بالنسبة لنا أهم بمليون مرة من لجان التحكيم؛ فالنجاح في التفاعل مع الجمهور هو ما يصنع المبدع، لا الجوائز. وهذا ما نحاول أن نرسخه لدى هذه المواهب الشابة، التي لديها طاقات مبشرة، فطريقهم إلى النجاح في هذا المجال يمر بالتعب على النفس.
والتمكن من مواجهة الجمهور والتفاعل معه. وهذا يقتضي منهم أن يفهموا أن الأمر لا يتحقق بدورة واحدة، بل بالمزيد من المران والعمل على النفس، وبذل الجهد في صقل الموهبة، وتعزيز التجربة والخبرة المسرحية».
صوت الشخصية
الفنان الموسيقار الإماراتي محمد مال الله، نائب رئيس مجلس إدارة المسرح، يشارك في ورش العمل المتخصصة في التدريبات الصوتية، ويستغل خبرته الموسيقية في تعليم الشباب الموهوبين التعامل مع مخارج الحروف والصوت.
ويلاحظ مال الله أن الأغلبية من الهواة يظنون أن كل ما عليهم هو أن يحفظوا النص ويؤدونه على المسرح، ويغيب عن بالهم أن الأداء له فنه وطريقته الخاصة، وأن كل شخصية لها صوتها وطريقة إلقاء خاصة بها تعبر عنها.
ويقول: «هناك أحرف تكون من بداية الفم، وأخرى من البطن، أو الشفتين، أو الأنف؛ لذا يتعين علينا أن نعلم الشباب كل ذلك مع طريقة التنفس الصحيحة، بما يضمن جودة الصوت، والحفاظ على أصواتهم وحمايتها أيضاً؛ فلا يبدأ المسرحية على سبيل المثال بصوت عالٍ ليصل إلى منتصفها وقد فقد صوته بسبب سوء استخدامه، لذا أحرص على تعليمهم طبقات الصوت العالية والمتوسطة والمنخفضة، ليسهل عليهم أداء الشخصيات».
الشاب هادي عوض، أحد المتدربين في ورشة التمثيل، أشار إلى أنه يستعد للمشاركة في العرض المسرحي الختامي الذي سيقام نهاية التدريب، معرباً عن سعادته بما يتعلمه من مهارات، وخاصة في مجال الصوت وحركة الجسد وغيرهما، آملاً أن يصبح ممثلاً في المستقبل، كما أنه يطمح لأن يضع بصمته الخاصة في مجال الفن، وأن يعبر عن مهاراته ويطورها.
ويوضح هادي أنه سبق له المشاركة في أعمال مسرحية على نطاق بسيط، لكنه اليوم يطمح إلى الاشتراك في المزيد من الأعمال، التي يمكنها المساعدة في صقل موهبته وتعزيز تجربته بالخبرة.
التمثيل والإعلام
بالمثل، هناك الشابة آية بدر، خريجة الإعلام التي سبق لها التدرب في أربع ورش مختلفة، فهي تسعى إلى صقل موهبتها في مجال التمثيل، وتطمح إلى شق طريقها في مجال الإعلام بشكل احترافي، معتبرة أن المذيع التلفزيوني أيضاً يؤدي «دوراً» وعليه أن يتقن حركة الجسد ومخارج الحروف.
ولا يختلف الشاب أحمد محمد إسماعيل عن زميليه، فهو درس في مصر في معهد فنون الطفل، ويهوى التمثيل المسرحي الذي يشعره بالسعادة، ويشير إلى أنه يستمتع بالدورات التي يحضرها في «مسرح الشباب للفنون»، والتي اكتسب من خلالها المعرفة والخبرة، وكذلك المهارات الضرورية، التي طورت من شخصيته الإنسانية، وزادت من استعداده الفني كممثل.