دبي: «الخليج»
أسدل الستار، مساء الاثنين، على فعاليات وعروض مهرجان دبي لمسرح الشباب، في ندوة الثقافة والعلوم، وسط حضور كبير تقدمه الدكتور سعيد مبارك بن خرباش، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في «دبي للثقافة».
وأعلنت لجنة التحكيم برئاسة سميرة أحمد، وعضوية كل من الدكتور خالد البناي، والفنان والمخرج فيصل عبدالله الدرمين، العروض الفائزة، حيث ذهبت جائزة «العرض المتكامل»، إلى مسرحية «جيران القمر»، لفرقة مسرح دبي الوطني، والتي كان لها نصيب الأسد من الجوائز؛ إذ فازت كذلك بأفضل سينوغرافيا، وإخراج شبابي، التي حصل عليها عبدالله المهيري، وأفضل مؤثرات موسيقية ونالها عبد العزيز الخميس، وجائزة أفضل ممثلة شابة فازت بها خولة عبد السلام.
أما جائزة الابتكار في الفن الأدائي، فقد ذهبت إلى عرض «يرجى عدم الاتصال» لفرقة مسرح العين، بينما حصل الفنان عبدالله خليل على جائزة أفضل ممثل شاب عن دوره في العرض نفسه، وكانت جائزة أفضل موهبة واعدة من نصيب الفنانة نوال محمد عن دورها في مسرحية «علة بلا دواء» لـفرقة ربع قرن للمسرح، بينما حصلت مسرحية «عزلة» لفرقة جمعية دبا للثقافة والفنون على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، فيما حصل حمد الظنحاني على جائزة أفضل تأليف.
*أجواء احتفالية
وجرت فعاليات الختام وسط أجواء احتفالية؛ إذ سبق إعلان الجوائز عرض موسيقي على آلة البيانو للموسيقار الشاب راشد المرزوقي، والذي قدم قطعاً موسيقية تفاعل معها الجمهور كثيراً، كما شهد الحفل عرض فيلم لمجريات العروض وأبرز مشاهدها، كما تم الاحتفاء بشخصية العام الفنانة القدير رزيقة طارش، وعرض فيلم لأبرز محطاتها بين الإذاعة والمسرح والدراما، تقديراً لعطائها ومسيرتها الفنية، ومساهماتها في الارتقاء بالحركة الفنية والمسرحية المحلية.
وصعد إلى خشبة المسرح مبارك بن خرباش، لتكريم لجنة التحكيم، إلى جانب أعضاء لجنة المشاهدة التي ضمت مرعي الحليان، وعبدالله مسعود، وعلي جمال، وقدمت هيئة دبي للثقافة إشادة خاصة بالجهود التي بذلها المتطوعون، طوال أيام المهرجان، وأسهموا في إنجاح فعالياته المختلفة؛ إذ عكسوا بحيويتهم قيم المشاركة والالتزام بالمسؤولية المجتمعية، عبر إرشاد الجمهور والرد على استفساراتهم.
*توصيات
وقدمت لجنة تحكيم النسخة الـ15 من المهرجان، تقريراً ضم جملة من التوصيات، ألقته الفنان سميرة أحمد، ومن أبرز ما توصلت إليه اللجنة، ضرورة الاهتمام باللغة العربية والالتزام بقواعدها والاستعانة بمدقق لغوي لضمان خلو الأعمال من الأخطاء اللغوية، والالتفات إلى مخارج الحروف، وضرورة العمل على إعداد الممثل وأدواته بوصفه عنصراً أساسياً في العمل المسرحي، إلى جانب تحري الدقة في اختيار مخرج العمل لضمان امتلاكه الخبرة الواسعة والمعرفة الكافية في هذا المجال، كما أوصت اللجنة بوجوب التزام الفرق المشاركة بكافة لوائح وقوانين المهرجان وعدم الاستسهال في تقديم العروض، وأكدت أهمية تبني أصحاب المواهب الشابة من كتاب ومخرجين وممثلين، لأفكار وعروض تتناسب مع طبيعة قضاياهم وتُمكنهم من طرح أفكارهم والتعبير عن رؤاهم، ودعت اللجنة إدارة المهرجان إلى إدراج جوائز أخرى خلال الدورات المقبلة، مثل جائزة أفضل ممثل دور ثانٍ، وأفضل ممثلة دور ثانٍ، وأفضل ديكور، وأفضل أزياء مسرحية، وأفضل ماكياج مسرحي، وغيرها، لتأثيرها في تحفيز المشاركين على الإبداع في كافة مجالات المسرح المتخصصة.
*مقاربة الواقع
وكان تحدي المهرجان خلال الدورة الـ15، أن تأتي الأعمال مستلهمة من الواقع ومعبرة عنه، باعتبار أن الشباب جزء من المجتمع يتفاعل مع قضاياه، إلى جانب أن تكون العروض متجانسة في شكلها العام، مع قدرتها على توظيف الإبداع والابتكار في الإخراج والسينوغرافيا، وغيرها، وكانت تلك هي الثيمة الأساسية في جميع العروض التي عملت على مقاربة الواقع وإبراز دور الشباب، كما اهتمت الأعمال بالجوانب التقنية والفنية، ولعل اللافت في عرض «جيران القمر»، الفائز بجائزة «العرض المتكامل»، مخاطبته لقضية مهمة إلى جانب الاهتمام بالسينوغرافيا وجماليات العرض، وفق رؤية مختلفة ومبتكرة، فالعمل تناول الشباب في واقع اليوم والعزلة ومحاولة استكشاف الذات، وقدم العديد من الرسائل العائلية، لتأتي مؤثرات السينوغرافيا لتخدم هذا الخط الدرامي بصورة أكثر تميزاً.
أما مسرحية «يرجى عدم الاتصال»، فكانت عبارة عن مشهديات ولوحات تصور واقع الحياة اليومية؛ إذ تناولت قضايا مهمة؛ مثل: قضايا الشباب، والانجرار خلف المظاهر الخداعة، والعلاقات الاجتماعية القائمة على المصالح، وعلى الرغم من احتشاد العرض بمثل تلك الرسائل الاجتماعية، فإن المتعة البصرية كانت حاضرة في مزاوجة بديعة بين المضمون والشكل، فلا عجب أن نالت المسرحية جائزة «الابتكار في الفن الأدائي»؛ إذ قدم العرض رؤى جمالية غاية في الروعة، وذلك الأمر ينطبق كذلك على مسرحية «عزلة»، التي تناولت متاهة الذات في واقع متشظٍّ وفق رؤية سريالية، كان اللافت فيها توظيف السينوغرافيا بطريقة خلابة ومدهشة، خاصة في ما يتعلق باستخدام قطع الديكور والموسيقى والأزياء والإضاءة الساحرة التي جاءت منسجمة مع الأجواء النفسية وفكرة العمل.
وسلطت مسرحية «علة بلا دواء»، الضوء على القيود النفسية والفكرية والأوهام التي تحول بين الشباب والتفاعل مع الحياة، بأبعاد جمالية ودرامية مبتكرة متمثلة في استخدام تقنية «كوميديا ديلارتي»، التي تعتمد على الأقنعة والشخصيات النمطية لإضفاء طابع حيوي، وكذلك مسرحية «صرخة أمل»، التي تتناول مشاكل أسرية تتمثل في قضية اليتم وتغوص في معضلات نفسية كما تتناول العادات الاجتماعية.